الخميس 30 نوفمبر 2023 | 08:47 م

من هو هنري كيسنجر.. مهارات سياسية من حرب أكتوبر حتى الآن

شارك الان

من "حرب أكتوبر إلى غزة".. تألقت مهارات الدبلوماسية لوزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، حيث انطلقت رحلته بعد حرب عام 1973 بسياسة مكوكية تهدف إلى فصل القوات الإسرائيلية والعربية. بفضل جهوده، تم تحقيق التسوية وتوقيع معاهدة بين مصر وإسرائيل لاحقًا، مما جعله "رجل السلام". حينها، كانت حرب الستة عشر يومًا تشكل تحديًا هائلًا لمهنيته، ولكنه برع في التعامل مع تداعياتها باعتباره وزير الخارجية الجديد ومستشارًا للأمن القومي في البيت الأبيض.

 "كيسنجر ودوره الحاسم في تهدئة الأزمة الشرق الأوسط" 

في إطار تاريخه المميز، لعب هنري كيسنجر دورًا بارزًا في تحقيق الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط. شكلت التهديدات الحربية والمواجهات مع الاتحاد السوفيتي تحديات كبيرة، ولكن بفضل "دبلوماسيته المكوكية"، نجح في تحقيق انفراج وتثبيت العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب.

في أعقاب حرب عام 1973، تولى كيسنجر مهمة التوسط لإنهاء الصراع الذي نشب بين إسرائيل ومصر وسوريا. قاد مفاوضات يوم الغفران، ونجح في تثبيت وقف إطلاق النار من خلال جسر جوي أميركي قادم بالأسلحة للجيش الإسرائيلي.

ومن خلال دوره كوسيط بين الأطراف المتحاربة، استطاع كيسنجر الحفاظ على استقرار المنطقة ومنع التصعيد العسكري المباشر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.


 انتهت الحرب بنتائج إيجابية، حيث وافق الرئيس المصري أنور السادات على محادثات مباشرة مع الإسرائيليين.

من ثم، قاد كيسنجر جهودًا لتمديد وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار بين إسرائيل وجيرانها. تجلى دوره المميز في ترويج اتفاقيات فض الاشتباك العسكري، مما فتح الباب أمام مفاوضات السلام وفترة جديدة من الاستقرار في المنطقة.


*دور هنري كيسنجر في تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط*

في إطار "الدبلوماسية المكوكية"، قام هنري كيسنجر بماراثون دبلوماسي استمر 34 يومًا، حيث قام بزيارات متكررة إلى القدس ودمشق، وسافر إلى ست دول، ورغم عدم تحقيق اتفاقات دائمة، فقد نجح في تحقيق الاستقرار في المنطقة وجعل الولايات المتحدة وسيطًا حصريًا في الشرق الأوسط، باستبعاد الاتحاد السوفيتي.

وفيما يتعلق بسياسات السلام في الشرق الأوسط، انتقد كيسنجر سياسات جيمي كارتر وبيل كلينتون، مشددًا على أهمية القفز التدريجي نحو السلام بدلاً من القفز السريع.

بالنسبة للحرب في العراق عام 2003، قدم كيسنجر مشورته للرئيس جورج بوش الابن، حيث أكد أن الانتصار على التمرد يشكل استراتيجية الخروج الوحيدة.

وفي تقييمه للربيع العربي، أشار إلى أهمية فهم ما يتبناه الشعب وليس فقط ما يدمره، محذرًا من الخلط بين الشعبوية الطائفية والديمقراطية.

هكذا، برزت دورات هنري كيسنجر في خدمة الدبلوماسية المكوكية كمحرك لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتوجيه السياسات نحو التطور والديمقراطية.


ووسط التحولات الراهنة، يعود الجدل حول سياسة الولايات المتحدة الخارجية، حيث يقيم الواقعيون الأحداث من منظور استراتيجي أمني، في حين يرى المثاليون فيها فرصة لتعزيز الديمقراطية.

وفي هذا السياق، يشير هنري كيسنجر في مقاله الأخير إلى أهمية توازن بين الأبعاد الاستراتيجية والمثالية في اتخاذ القرارات الخارجية. ويقول: "الاختيار ليس بين الاستراتيجي والمثالي، وإذا لم نتمكن من الجمع بين العنصرين، فلن نتمكن من تحقيق أي منهما".

وفي سياق متصل، تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" في مقال رأي إلى اتفاق بين السعودية وإيران، حيث أكد كيسنجر خلال مقابلة مع الكاتب ديفيد إغناتيوس على أن هذا الاتفاق يمثل تغييرًا جوهريًا في الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط. ونقل عنه قوله: "السعوديون يوازنون الآن بين أمنهم لدى الولايات المتحدة والصين".

وفيما يتعلق بحرب غزة، أشار كيسنجر إلى أن إسرائيل، بعد الهجوم الذي شنته حماس، تواجه حاجة لفرض عقوبات رداً على ذلك، وأن وقف إطلاق النار الفوري يبدو أمراً مستحيلاً وفقاً لتقرير "وول ستريت جورنال".


في مقابلة مع ماتياس دوبفنر، الرئيس التنفيذي لشركة أكسل سبرينغر، أبدى قلقه بشأن إمكانية محادثات السلام، مشددًا على أنه لا يمكن تصوّرها في حال ظهور الإرهابيين بشكل علني واحتجاز الرهائن وقتل الأبرياء. ورغم أنه لا يلوم الشعب الألماني على احتفالهم بحماس من خلال توزيع الحلوى بمناسبة الهجوم، إلا أنه أشار إلى أن السماح بدخول عدد كبير من الأجانب إلى البلاد كان خطأ فادحًا، مؤكدًا أن هذا السماح أدى إلى وجود ضغوط داخلية كبيرة نتيجة لاختلاف الثقافات والأديان.

هناك إشارات إلى تقدير الراحل هنري كيسنجر، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي، وظل في المنصبين حتى بعد فضيحة ووتريغايت واستقالة الرئيس نيكسون عام 1974. وتأتي وفاته عن عمر يناهز 100 عام في منزله بولاية كونيتيكت، حيث حاز على جائزة نوبل للسلام في عام 1973 نتيجة جهوده السلمية خلال حرب فيتنام.